والثاني : قيمة الزمن عنده واستثماره في العلم وما ينفع الأمّة: أذكر أنّه كان مُشرفا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه على طالبه النجيب أخينا الفاضل الدكتور عبد المجيد بيرم الذي تخرج من كلية الشريعة بجامعة دمشق ثم تابع دراساته العليا ببلده الجزائر، وفي نهاية 1993م أنهى رسالة الماجستير، وقد تزامن ذلك مع نزولي إلى الجزائر لمدة أسبوع لزيارة والدي الذي كان مريضا -رحمه الله-، فاتصلت بالأستاذ عبد المجيد لأسأله عن أحواله ورسالته فالتمس مني أن يرسل معي النسخة إلى مشرفه ليصححها فرحبت بذلك وهنّأته على إتمام عمله وسافرت إلى العاصمة في يوم سفري إلى دمشق، فلما سلمني النسخة سألته سؤال مُجرّب: هل لك صورة عنها، فقال: لا، هذه النسخة الوحيدة! ويبرز كتاب "منهج النقد في علوم الحديث" كأشهر كتب الشيخ نور الدين، وهو عبارة عن مؤلف في مصطلح الحديث، ويقدم فيه ترتيبًا جديدًا للتمييز بين العلوم المتعلقة بالمتن والسند، وهو ما يصوغ به الشيخ علم الحديث على شكل نظرية متكاملة بعد أن كان هذا العلم يُدرس على أبواب متفرقة | ، يوجد لنور الدين عتر عدّة مؤلفات أشهرها "المعاملات المصرفية والربوية وعلاجها في الإسلام" و"أبغض الحلال"، كما أفرد كتبًا ثلاث عن الحج، وكتابًا عن "هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخاصة" |
---|---|
فشكر لي صنيعي ، وذكر لي حالَه مع العلم -مربيا معلما بالقدوة- فقال: كل عمل علميّ أقوم به -وكان غالبا ما يشتغل بالتحقيق- أنسخ منه ثلاث نسخ، نسخة أتركها في بيتي الذي بدمشق، ونسخة في حلب، ونسخة في المحفظة اشتغل عليها أثناء سفري من دمشق إلى حلب في الحافلة | اطلع عليه بتاريخ 25 سبتمبر 2020 |
وفي عام 1964م نال درجة الدكتوراه عن أطروحته: طريقة الترمذي في جامعه، والموازنة بينه وبين الصحيحين.
نعيه بعد وفاته، سارعت شخصيات إسلامية كبيرة لنعي الشيخ ذاكرين مناقبه ومؤلفاته | وبهذا الصدد يذكر الكاتب والباحث محمد خير موسى خلال حديثه عن الدكتور عتر "بينما كنّا في السّنة الأولى في كليّة الشّريعة كنّا نرقب الأساتذة الكبار وهم يسيرون في ممرّات الكليّة مسرعين لا يلتفتون يمنةً ولا يسرة ويتناثر حولهم الطلّاب يحثّون الخطى لينال أحدهم إجابةً عن سؤال سريعٍ أو يلتقط إجابةً عجلى من فم الأستاذ المستعجل" |
---|---|
كما رثى الكثير من السوريين والمسلمين من الطلاب الشيخ نور الدين، وامتلأت صفحاتهم بصوره وقصصه، لتطوى بذلك قصة حياة لشخصية سورية ألهمت محبيها وعملت لخدمة الأمة والدين، كما أنه لم يرضَ بالخنوع للطغاة والتذلل لهم رغم المضايقات التي تعتري من يعيش في مناطق قبضة النظام السوري | لم يكن — رحمه الله — متبتلاً في محراب العلم ونصوصه وقضاياه التراثية، بل كان منخرطًا في العصر وإشكالياته، وما حمله من عواصف حركها أعداء السنة وأوقدوا لها |
أشرف على عشرات الأطروحات الجامعية من دكتوراه وماجستير، وهو محكَّم لبحوث الترقية لمدرّسي الجامعات، وعرف بدقته الشديدة في تحكيمه.
6