مراتب الإحسان خلَق الله سبحانه وتعالى السماوات والأرض وما فيهما من لحكمةٍ عظيمة، ولأجل هذه الحكمة سخّر الحياة والموت والمصائب والأحزان والأفراح، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الحكمة تَصريحاً أو تلميحاً في الكثير من المواضع في كتابه العزيز، وهذه الحكمة هي الابتلاء بإحسان العمل والتقرّب إلى الله عزّ وجل، من ذلك مثلاً قول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ | معنى الإحسان اصطلاحاً اصطلاحاً هو أن يَعبد الإنسان ربّه في الدنيا على وجه الحضور والمُراقبة له، كأنّه يرى الله بقلبه، وينظر إليه في حال عبادته وخلوته وانفراده ممّا يدفعه للزيادة في التقرّب إليه، وفي حال تفكيره بالوقوع بالمعاصي والآثام ممّا يجعله يرتدع عن القيام بها، فكان جزاءُ ذلك النظر إلى الله عِيانًا في يوم القيامة |
---|---|
جزاء الإحسان في الإسلام ما أجمل الإحسان عندما يزيّن كلّ عملٍ نقوم به سواءً في تعاملنا مع الله سبحانه وتعالى عند تأدية فرائضه وحقّه في العبادة، أو في معاملاتنا مع الإنسان والحيوان والنبات، فالإحسان من أعلى منازل العبودية وأفضلها، وجزاcه عظيم | قال يأمر تعالى رسوله أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطَّيبة؛ فإنَّهم إذا لم يفعلوا ذلك، نزغ الشَّيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشَّرُّ والمخاصمة والمقاتلة، فإنَّ الشَّيطان عدوٌّ لآدم وذرِّيته مِن حين امتنع مِن السُّجود لآدم، فعداوته ظاهرة بيِّنة؛ ولهذا نهى أن يشير الرَّجل إلى أخيه المسلم بحديدة، فإنَّ الشَّيطان ينزغ في يده، أي: فربَّما أصابه بها |
ثم قال لي: يا عمر: أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ، جاء هذا الحديث تبيانًا وتمييزاً الذي هو القيام بأعمال مخصوصة على من دخل في الإسلام، بينما أظهر الحديث أنّ الإيمان هو التصديق بكل ما جاء به رسول الله والتسليم به على أنه حقٌ وصدق، ويرتفع الإحسان إلى درجة أعلى من الإيمان بكونه عبادة الله سبحانه وتعالى بأفضل ما يُمكن أن يُقدّم عبدٌ لخالقه فتكون عبادته لله مرتبطةً باعتقادٍ وثيقٍ منه بأنّ الله مطلعٌ عليه ويراقب حركاته وكأنّه يَرى الله أمام عينيه، وأنّه لا يمكن له الوقوع في الإثم خوفاً من الله لا لشيءٍ آخر، فإن لم يَكن هو يرى عياناً فإنّ الله حتماً يراه ويرى أعماله وتفاصيلها فيستحي من رؤية الله له في حال المَعصية فيرتدع عنها وذلك أعظم الإيمان.
فهو يعني عبادة الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك | قَالَ : فأَخْبرني عَنِ الإحْسَانِ |
---|---|
ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيّاً ، ثُمَّ قَالَ : يَا عُمَرُ ، أَتَدْري مَنِ السَّائِلُ ؟ قُلْتُ : اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ | المصادر : 1- الذاريات56 2- النحل90 3- الرحمن60 4- البقرة183 5- النساء13 6- البقرة195 7- الأعراف56 8- التوبة120 9- العنكبوت 7 |
أي أن الله يأمر عباده والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به، وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه، ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع، وإلى الخلق في الأقوال والأفعال، ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم ، وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي، وعن ظلم الناس والتعدي عليهم، والله -بهذا وهذا - يَعِظكم ويذكِّركم العواقب؛ لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها.
30مصدر أَحْسَنَ أي جاء بفعل حَسَنٍ | قال ثمّ انطلق، فلبثت ملياً |
---|---|
وللإحْسَان ضِدَّان: الإساءة، وهي أعظم جرمًا، وترك الإحْسَان بدون ، وهذا محرَّم، لكن لا يجب أن يلحق بالأوَّل، وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى، والمساكين، وتفاصيل الإحْسَان لا تنحصر بالعَدِّ، بل تكون بالحَدِّ | وهو للأقارب ببرِّهم ورحمتهم والعطف عليهم، وفعل ما يَجْمُل فعله معهم، وترك ما يسيء إليهم |