أولاً: السلام عند إلقاء السؤال ليس من السنة، ونبَّهنا على هذا كثيراً، لأن كانوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام يجلسون ولا يسلمون إذا أرادوا السؤال، لو قدم الإنسان على الحلقة وسلم فهذا لا بأس | وقال العينيُّ: اعلم أنَّ هذه سُنَّة بإجماع المسلمين؛ إلَّا ما رُوي عن داود وأصحابه وجوبُها بظاهر الأمْر، وليس كذلك؛ لأنَّ الأمر محمولٌ على الاستحباب والنَّدْب؛ لقوله عليه السلام للذي سأله عن الصلوات: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا، إلَّا أن تطوَّع»، وغير ذلك من الأحاديث، ولو قُلنا بوجوبهما لحرُم على المحدِث الحدثَ الأصغر دخولُ المسجد حتى يتوضَّأ؛ ولا قائلَ به، فإذا جاز دخولُ المسجد على غير وضوء لزِم منه أنه لا يجِب عليه سجودُهما عند دخوله |
---|---|
ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما نفى وجوبَ الواجباتِ ابتداءً في قوله: « إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، لا الواجباتِ بأسبابٍ يختار المكلَّفُ فِعْلَها كدخول المسجد؛ فلا يصحُّ شمولُ هذا الصارفِ وغيرِه لمثلها | وقد قيل أنّ السّنة أربع ركعات بعد صلاة الظهر، وبالتالي يكون المجموع هو ثماني عشرة ركعةً، وهذا كله من السّنن الرّواتب، ويعتبر بعضها آكد من البعض الآخر، وبالتالي يجب أن لا ينقص عدد الرّكعات عن الرّكعات العشر التي وردت في حديث ابن عمر |
ثانيًا: أنَّ تحيةَ المسجدِ لو كانتْ واجبةً لحرُمَ دخولُ المسجدِ على المُحدِثِ الحدثَ الأصغرَ حتَّى يتوضَّأَ، ولا قائلَ به قال القرطبي: وقد ذهب داودُ وأصحابه إلى أنَّ ذلك على الوجوبِ، وهذا باطلٌ، ولو كان الأمْرُ على ما قالوه لحرم دخول المسجد على المحدِث الحدثَ الأصغَرَ حتى يتوضَّأ، ولا قائلَ به فيما أعلم.
10قيل: هذا إنَّما يستقيم أن لو كان هذا العامّ المخصوص لم يعارضه عموماتٌ محفوظة أقوى منه، وأنه لمَّا خصّ منه صور عُلِمَ اختصاصُها بما يوجب الفرق، فلو ثَبَتَ أنَّهُ عامّ خصّ منه صور لِمَعْنًى مُنتفٍ منْ غَيْرِها بَقِيَ ما سِوى ذلك على العموم، فكيف وعمومُه منتفٍ وقد عارَضَهُ أحاديثُ خاصَّةٌ وعامَّةٌ عمومًا محفوظًا، وما خصّ منه لم يختصّ بوصْفٍ يوجب استثناءه دون غيره، بل غيرُه مُشارك له في الوصف الموجب لتخصيصه أو أولى منه بالتخصيص، وحاجة المسلمين العامَّة إلى تحيَّة المسجد أعظم منها إلى ركعتي الطواف | وقال ابن رجب: في الحديث: الأمر لِمَن دخل المسجد أن يركع ركعتين قبل جلوسه، وهذا الأمرُ على الاستحباب دون الوجوب عند جميع العلماء المعتدِّ بهم |
---|---|
الجواب وبالله التوفيق: يجوز لك أن تصلي تحية المسجد بعد العصر وقبل المغرب؛ لأنها صلاة ذات سبب ، وهو مذهب الشافعية ومن وافقهم |
ثانيًا: من الآثار أنَّ أبا سعيدٍ الخدريَّ دخلَ ومَرْوانُ يَخطُبُ فصلَّى الرَّكعتينِ، فأرادَ حرَسُ مروانَ أن يمنعوهُ فأَبَى حتَّى صلَّاهما، ثمَّ قالَ: ما كنتُ لأَدعَهُما بعدَ أنْ سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمرُ بِهِما أخرجه الترمذي 511 ، والدارمي 1593 ، والبخاري في القِراءة خلف الإمام 103 ، وابن خزيمة 1799 ، والبيهقيُّ في السنن الكبرى 5693.
22الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة 1- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: إذا دخَلَ أحدُكم المسجدَ، فلا يجلسْ حتى يركعَ ركعتينِ رواه البخاري 444 ، مسلم 714 | والفرق بينهما إمَّا أن يكون المأذون فيه له سبب فالمصلي صلاةَ السبب صلاَّها لأجل السبب، لم يتطوَّع تطوّعًا مطلقًا، ولو لم يصلّها لفاتَهُ مصلحة الصلاة كما يفوتُه إذا دخل المسجد ما في صلاة التحية من الأجر |
---|---|
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وَاتَّفَقَ أَئِمَّة الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ لِلنَّدْبِ, وَنَقَلَ اِبْن بَطَّالٍ عَنْ أَهْل الظَّاهِر الْوُجُوب, وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ اِبْن حَزْم عَدَمه |