السيدة ملعقة. السيدة ملعقة

كنا لأول مرّة نرى بيتًا من طابقين فتن الجيران بصوت سميرة توفيق ولا تزال أصداء إعجابهم ترنُّ في رأسي كلما ذكروا القصة أمامنا
لقد تحول إلى علامة، لدرجة أنّ أهلنا صاروا يصِفُون كل شيء انطلاقًا من ذلك البيت العجيب، «خلف البيت بو طابقين» أو «قرب البيت بو طابقين»، كان البيت بالنسبة لنا شاسعًا وكبيرًا، نوافذه زجاجية في وقت كانت نوافذنا خشبية شغفٌ فاتنٌ ملأ أجواء القرية التي لم تكن تستأنس إلا بسهرها وحكاياتها الليلية

السيدة ملعقة

فقد علموني الطبخ، بطريقة أو بأخرى، من خلال مواقعهم.

10
السيدة ملعقة
أحضر جارنا المقاول تلفازًا لأول مرّة، لا أتذكر التفاصيل إلا صورًا متقطعة ومبتورة ومشوشة، كنتُ صغيرة جدًّا وأمّي تمسكُ يدي وتمضي بي إلى بيت جارنا صاحب التلفاز
بيت السيدة ملعقة
هنالك على الدوام «مبولة» للصغار، مصنوعة من علب «النيدو»، تفرغُ محتوياتها كل صباح
بيت السيدة ملعقة
، وكالعديد من العائلات العربية - بأصواتنا العالية! ولكن ذلك لم يزعجني أبداً، ففي تلك الأيام كان وجودي في المطبخ ما هو إلا لتذوق أكلات أمي
لم تكن في «مرتفعات الخضراء» عمالة آسيوية عندما كان جدي يافعًا، كان بمقدوره آنذاك حمل الطابوق والإسمنت بصلابة فائقة، رغم ما قد يبدو الآن من هزاله وضموره وعظامه البارزة تحت لحمه اللين وأود دائماً التعبير عن امتناني لهم والتأكد من الربط بمواقعهم في كل مرة أذكرهم
لا أعرف من أين أبدأ وأين أنتهي كما أن هناك وصفات قدمتها أمي لي

عن السيدة ملعقة — Lady Spatula

أكثر ما أثار دهشتي، الستائر التي تتطاير بفعل الهواء، لم يكن في بيتنا القديم ستائر.

بيت السيدة ملعقة
وبدأت المكالمات الهاتفية الطويلة مع أمي التي علمتني فن الطبخ خطوة بخطوة
السيدة ملعقة
لم يكن بحوزتنا أنا ووالديّ وأختي وأخي الأصغر مني، أكثر من غرفة واحدة من البيت، إلا أنّها كانت فسيحة بما لا يصدق، كلما استدعيتها في مخيلتي
السيدة ملعقة
لكنها حدثتني عمّا فات ذاكرتي، فذهابهم إلى البيت الذي يتوسطه تلفاز بات أمرًا ينطوي على فضول آسر، لم يختبروا أمرًا مشابهًا من قبل في بيوتهم
من وراء السيدة ملعقة؟ أنا أم وزوجة شاهدتُ بالأبيض والأسود لأول مرّة في حياتي مسلسلًا كرتونيًّا، «السيدة ملعقة»، سيدة عجوز، تحمل ملعقة ذهبية على ظهرها، تصغر وتصغر في ظروف خاصة، إلا أنّ الملعقة تبقى بحجمها الطبيعي، ثقيلة فوق ظهرها، ودون أسباب واضحة تعود السيدة ملعقة لحجمها الطبيعي في نهاية الحلقة
ننغلقُ على هذا البيت الذي يسكن مخيلتنا لنحميه بداخلنا، ونستعيده بصورة مفرطة في انتكاساتنا اللانهائية، ربما ليس كما عشنا فيه واقعيًّا، ولكن بقدر ما نرغب أن يكون بيتًا مثاليًّا وآسرًا، فالعالم الواقعي كما يقول غاستون باشلار: «يمّحي دفعة واحدة، حينما يسعى المرء إلى العيش في بيت الذكرى» حركة أصابعهن متناغمة تمامًا مع ضحكاتهن وإيماءة رؤوسهن وشهوة الحكي المتدافعة

السيدة ملعقة

القصة قصة المسلسل مقتبسة من رواية للمؤلف : Alf Prøysen.

بيت السيدة ملعقة
وبالتأكيد سيأتي اليوم الذي يذهبن هن أيضًا إلى المستشفى، وستفعل أمّي الأمر ذاته معهن
السيدة ملعقة
عندما نجدُ فراشنا مبللًا في الصباح، تقول لنا الأمهات: إنّه «الكوس»
عن السيدة ملعقة — Lady Spatula
بل واكتشفت أنني أستمتع بتحضير الأطباق المختلفة، وأن لدي الطاقة والصبر للتحضير والطبخ