انجازات هارون الرشيد — كان أول خليفة عباسي يتسلم قيادة جيش الغزوِ بنفسه دون أن يوكلها لشخص آخر — حقق هارون الرشيد النهضة العلمية والأدبية في العصر الذي كان يعيش فيه حيث اقترب من الشعراء وأهل العلم والأدباء في مجالسه التي كان يجلسها | يقول المؤرخ في موقفه من البرامكة: "لعل أغرب ما وهم فيه المؤرخون، فعمى عليهم سبب تدمير هارون الرشيد للبرامكة أنهم عدوا بني برمك دعاة للعلويين، والمشكلة التاريخية إذا استبهم جانب منها تشعبت فيها الظنون واختلفت الآراء واضطربت الأحكام |
---|---|
اقرأ أيضاً: خامساً: على الرغم مما ذكرنا من حب هارون الرشيد لأخته العباسة التي كانت صديقة طفولته وشبابه، إلّا إنّ ذلك لم يمنعه من قتلها في نهاية المطاف حين حملت من جعفر البرمكي الذي زوّجه إليها بشرط ألّا يختلي بها، فلما اختليا ووقع المحظور، وحملت العباسة، لم يتورع الرشيد عن قتلها على الرغم من عدم ارتكابها لما يخالف عُرفاً أو شرعاً، فقتلها وقتل جعفر وأمر بمصادرة أموال كل البرامكة وسجنهم، طبقاً لما ذكر المسعودي في رواياته | كان العلماء يبادلونه التقدير، روي عن أنه قال: ما من نفس تموت أشد علي موتًا من أمير المؤمنين هارون، ولوددت أن زاد من عمري في عمره ، فقال في ذلك أحد أصحاب الفضيل: فكبر ذلك علينا فلما مات هارون الرشيد وظهرت الفتن، وكان من ذلك في عهد المأمون عندما حمل الناس على القول بخلق قلنا الشيخ كان أعلم بما تكلم |
وثمة طائفة أخرى من القصص لا يبدو فيها الرشيد بطل القصة الأصلي، ولكنه يكتشف هذا البطل أثناء طوافه في أحياء بغداد، ومن هذه القصص قصة الشاب العماني الذي أضاع ثروته على الغواني وقصة محمد بن علي الجوهري.
27في سنة 186 هـ، حج الرشيد ومعه أبناؤه الأمين والمأمون، وهناك في أي الكعبة ، أخذ عليهما المواثيق المؤكدة بأن يخلص كل منهما لأخيه وأن يترك الأمين للمأمون كل ما عهد إليه من بلاد المشرق، ثغورها وكورها وجندها وخراجها وبيوت أموالها وصدقاتها وعشورها وبريدها، وسجل الرشيد هذه المواثيق على شكل مراسيم وعلقها في الكعبة لتزيد في قدسيتها، ويؤكد تنفيذها كما كتب منشورًا عامًا بهذا المعنى للآفاق | وفاة هارون الرشيد توفي هارون الرشيد عن عمر يناهز 45 عاما في عام 193 هجريًا في مدينة طوس بخراسان |
---|---|
تاريخ ميلاد هارون الرشيد لا يزال محل خلاف حتى الآن، فلا أحد يعرف التاريخ بالضبط، لكن الجميع يؤكد على أنه لن يكون خارجًا عن سنة من السنوات التي تقع بين عاميّ 763، 766، ميلاديًا بكل تأكيد، وقد كان ذلك بالقرب من مدينة طهران الواقعة في دولة إيران، وربما يتعجب البعض من ذلك، لكن إيران كانت في تلك الفترة منهلًا للكثير من الأمور الجيدة، وكان أغلب الحكام والعلماء منها، أو منتمين لها بصورةٍ أدق | ومن علماء الدين الذين عاشوا في عصره الإمام صاحب والإمام صاحب المذهب المالكي في الفقه الذي التقى بالرشيد حين قصد الخليفة منزله وقرأ عليه الإمام كتاب الموطأ وعلى الصعيد العلمي، دعم الرشيد عالم الكيمياء المشهور وأسس وتلامذته منهج التجربة في العلوم |
العفو الشامل عن الهاربين أهم شيء قد تلجأ إلى فعله في يوم من الأيام عند توليك الحكم هو أن تقوم بعملية لم الشمل لتلك الدولة التي تتولى حكمها، وهذا بالضبط كان أول ما فعله الرشيد فور توليه للحكم، حيث قام بجمع كل الخصوم ووحدهم، كما أصدر قرارًا بالعفو الشامل عن الهاربين من أجل المعارضة أو أي أمر آخر يتعلق بالسياسة، ببساطة، كان يرى أن تقدم العباسيين لن يكون إلا بعد أن تكون الدولة كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.