أما المجوس مثلاً فهو يشركون أيضاً بالله، فقد أنكروا الربوبية حيث اعتقدوا أن في الكون أكثر من إله، مثل إله الظلام وإله النور، تعالى الله عن ذلك سبحانه | وفي الشرع: إفراد الله- سبحانه- بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات |
---|---|
الربوبية يؤمن بها المشركين إن الربوبية وهي عبارة الاعتراف بوجود إله مهيمن على هذه الأرض، وعلى الكون وعناصره، وقد اعترف بذلك المشركين من قريش، فلا نستغرب من هذا الاعتراف، فقد وصفه الله تعالى بقوله: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ وعلى الرغم من هذا الاعتراف عند مشركي مكة أثناء دعوة محمد صلى الله عليه وسلم لهم ليؤمنوا بالله، لم يكن توحيداً خالصاً، بل نجد انهم كانوا يشركون بالله تعالى، فهم كانوا يشركون به أشياء وأفعال أخرى ووسيط بينه وبينهم وهي الأصنام، وهذا مخالفاً لمراد الله تعالى والذي يريد من عباده توحيداً خالصاً له سبحانه وتعالى | أما توحيد الألوهية: فهو توحيد الله بأفعالك أنت، تخصه بالعبادة دون كل ما سواه من صلاة وصوم ودعاء ونذر وزكاة وحج وغير ذلك، توحيد الألوهية هو معنى لا إله إلا الله، أي لا معبود حق إلا الله، وهو أن تخص ربك بأفعالك بعباداتك بقرباتك لا تدعو مع الله إلهًا آخر، لا تعبد معه سواه من شجر أو حجر أو صنم أو نبي أو ولي فلا تدعو غير الله، لا تقول يا سيدي البدوي اشفني، أو يا رسول الله اشفني أو عافني أو انصرني، أو يا فلان أو يا فلان من الأولياء أو من غير الأولياء من الأموات أو من الأشجار والأحجار والأصنام، هذا الشرك الأكبر |
كتاب التوحيد :قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: كتاب التوحيد.
8قال الخليل: "البَدْع إحداث شيء لم يكن له من قبل خلق، ولا ذكر، ولا معرفة | ، كيف استوى؟ فأطرق برأسه وقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعًا |
---|---|
أقسامه:ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:1- توحيد الربوبية | وهذا يتضمن شيئين:الأول: الإثبات، وذلك بأن نثبت لله- عز وجل- جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في كتابه أو سنة نبيه |
مثال ذلك : أن الله سبحانه وتعالى سمى نفسه بالحي القيوم، فيجب علينا أن نؤمن بأن الحي اسم من أسماء الله تعالى ويجب علينا أن نؤمن بما تضمنه هذا الاسم من وصف وهي الحياة الكاملة التي لم تُسبق بعدم ولا يلحقها فناء.
7من امثلة توحيد الربوبية ونوفر لكم أعزاءنا المتابعين بعض الأمثلة لتوحيد الربوبية ولكن بعض أن نستعرض لكم الآية السابقة التي تدل على عظمة الخالق في خلقه للكون وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ومن أمثلة توحيد الربوبية الإخلاص في العبادة لله عز وجل وإفراده بالعبادة وتمييزه عن أي شيء آخر بالحياة | الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية هو إفراد الله بالعبادة، وهذا ما يتضمنه الألوهية، ولكن لا يمكن للإنسان أن يتوجه لله وحده بالعبادة إلا بعد أنّ يؤمن يقيناً بأنّ الله سبحانه وتعالى هو المتصرف في الكون؛ بالخلق، والإيجاد، والرزق، وبعد أن يستقر في قلب المؤمن أنّ النفع والضر كلّه بيد الله وحده لا شريك له، وأنّ الله الذي خلق الكون، وخلق الإنس والجن، وجعل الهدف من خلقهم عبادته سبحانه؛ فالله سبحانه وتعالى يقول في مُحكم التنزيل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ، هكذا يتّضح الفرق بين كلٍ من الربوبية الألوهية، فالربوبية تتعلق بأفعال الله الخالق، المُتصرّف، والمُصرّف لشؤون جميع ، والألوهية تتعلق بأفعال الإنس والجن، وعباداتهم التي يجب أن تتوجه حصراً وبكل إخلاصٍ لله وحده لا شريك له؛ بما أنه هو المُدبر، والمصرّف لشؤون الكون وما فيه من مخلوقات |
---|---|
فقه الأولويات هذا الفقه نحتاج إليه اليوم، فقه الأولويات، فقه أن نفهم، لا أتحدث عن فقه الأولويات بمعنى أننا نحن نرتب الأولويات، لا، الله تعالى هو الذي رتبها، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي رتبها، نحن فقط نفهم ديننا بالشكل الصحيح، لا أتحدث عن فقه جديد، ولا عن تجديد، أتحدث فقط عن فهم الموجود عندنا، نحن ديننا هكذا يأمر، يأمر أن يكون عمل الليل لليل، وعمل النهار للنهار، وألا يشغلنا عمل الليل عن عمل النهار، ولا العكس، والأمثلة كثيرة جداً، وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ : ضعف الفهم مشكلة في النقاش في الدنيا قد أجلس مع إنسان مشرك شركاً أكبر أو أصغر، فأحاول أن أبين له أن الملك بيد الله عز وجل، لكن قد لا أستطيع، ليس لضعفٍ في المضمون الذي عندي، لكن لضعفٍ في فهمه، هو اتجه إلى الشركاء يقول لك: والله أنا أرى اليوم الأمر بيد أمريكا، الأمر بيدها هي تحرك العالم، وإذا تعمق أكثر يقول لك: الأمر بيد الصهيونية العالمية التي تدير أمريكا، فهو يفهم أن الأمر بيدها، أنا من وجهة نظر توحيدية أعلم أنهم وحوش بحبال محكمة بيد الله تعالى : الاختيار في الدنيا فقط فقد يناقشك الإنسان في ذلك، لكن يوم القيامة هل يبقى هناك مجال لنقاش في هذه القضية ؟ لا، ائت بهؤلاء الشركاء، دعهم يحكموا اليوم ويدخلوك النار أو الجنة، انتهى الأمر، الخيار توقف، لماذا نحن في الدنيا قد يظهر للبعض أن الملك أو الأمر بيد غير الله تعالى ؟ لماذا ؟ لأننا مخيرون، فأنت بإمكانك أن ترى ذلك وأن ترى غيره، لكن يوم القيامة التغى الاختيار، انتهى، الآن الحساب، فعند الحساب الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ بيده كل شيء جل جلاله : فالملك الذي لا يغيب عن أحد بأنه لله هو يوم القيامة، فهنا قال : وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ انظر إلى هذا النداء ثم إلى هذا العتاب المخزي أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ تَزْعُمُونَ أي تدعون، يزعم، والزعم مطية الكذب، زعموا، يزعمون ذلك، أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ في الدنيا، كنت ترى أن فلاناً شريك لله عز وجل سواءً ما يفعله عباد الأصنام لأنهم كانوا يدعون اللات والعزى شركاء لله عز وجل، أو ما يدعيه البعض أنهم يظنون أن هذه الجهة القوية أو أن هذه الدولة القوية هي تشارك الله تعالى في حكم الأرض : الشهيد من صلحاء القوم هذه المجموعة أمة، الإسلام أمة، أو أصغر من ذلك، أمة العرب أمة مثلاً، أمة اليهود أمة، أمة النصارى أمة، أو ضمن النصارى أمم وأمم، تجمعات، فهي أمم، مجموعات من البشر وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا من يشهد عليهم بما فعلوا، وقال البعض : الشهيد هنا هو شهيد الأعمال، أي شهيداً من أعمالهم، شهيداً إما من أنفسهم بشراً منهم عاش معهم، ويشهد عليهم، يكون من صلحائهم، كيف يكون شهيداً من أنفسهم؟ بكل عصر وبكل مصر، أي تجمع، سبحان الله! يقول الطبري - رحمه الله -:"يعني جل ثناؤه بقوله: {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}، مبدعها، وإنما هو مفعل صرف إلى فعيل، كما صرف المؤلم إلى أليم، والمسمع إلى سميع، ومعنى المبدع المنشيء، والمحدث، مالم يسبقه إلى إنشاء مثله، وإحداثه، أحد | ما زلنا في التعقيبات على قصة موسى، سورة القصص فيها قصتان: قصة موسى مع فرعون، وقصة قارون مع قومه وهو من قوم موسى، وهذه هي الصلة بين القصتين، بين القصتين هناك تعقيبات على قصة موسى مع فرعون، تقريباً أخذت حجم القصة نفسها، أي عندنا أربع صفحات من التعقيبات، بعد خمس صفحات تقريباً تروي قصة موسى مع فرعون، هذه الصفحات تستنتج دروس القصة وعبرها بطريقة غير مباشرة، لكن توصل الفكرة المطلوبة بالشكل الأمثل، كيف لا وهو كلام الله تعالى! فهذه الآيات وغيرها تدل على أن الله يبين للخلق غاية البيان الطريق التي توصلهم إليه، وأعظم ما يحتاج الخلق إلى بيانه ما يتعلق بالله تعالى وبأسماء الله وصفاته حتى يعبدوا الله على بصيرة؛ لأن عبادة من لم نعلم صفاته، أو من ليس له صفة أمر لا يتحقق أبدًا؛ فلابد أن تعلم من صفات المعبود ما تجعلك تلتجئ إليه وتعبده حقًا |
أدلة توحيد الربوبية من الأدلة على توحيد الربوبية دليل وجود الخلق؛ فيستحيل أن يوجد مخلوق من العدم دون وجود خالق له، ومن الأدلّة على توحيد الربوبية الآيات المعجزة في الكون، فما أبدعه الله في الكون من الآيات يدل على وجود رب خالق مدبر لتلك الأشياء المنتظمة، كما تقرّ الفطرة السليمة بوجود رب للكون، تلتجئ إليه الخلائق، وترجوه، وتستشعر رهبته، كما يدل على توحيد الربوبية ما أيّد الله به أنبياءه من المعجزات الخارقة للعادة، والتي تدل دلالةً قاطعة على وجود الله المرسِل لتلك المعجزات، كما يدل على هذا عدم إنكار أحد من الناس لربوبية الله، حتى المشركين والمكابرين، كما لم ينكر ربوبية الله إبليس، ومن أنكر الربوبية إنّما أنكرها مكابرةً، وأخيراً دلالة الشرع، حيث أنزل الخالق على رسله شرائع تحقق السعادة والصلاح للبشر، ومنها: القرآن الكريم، الذي تحدّى الله به الإنس والجن على أن يأتوا بسورةٍ من مثله.