ومن كانت طريقته الإحْسَان، أحسن الله جزاءه هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ | والمعنى الثَّاني: إنَّ الله كتبَ الإحسانَ على كُلِّ أحدٍ إلى كُلِّ مخلوقٍ، فالإحسانُ إلى كُلِّ مخلوق بحَسَبه |
---|---|
إن الأمر بإتقان العمل وإحسانه لا يجعله الشرع أمراً يختص بالدنيا فحسب، بل يجعله أيضاً أمر عبادة، يتقرب به إلي الله تعالي، فالدعوة إلي الإتقان هي حث علي التخلق بأخلاق الله تعالي في إتقان الصنعة وإبداعها، ودفع للإنسان إلي خلق الإحسان سعياً إلي محبة الله تعالي، فإن الله «يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، وفي رواية أخري «إن الله يحب من العامل إذا عمل عملاً أن يحسن» | والإحسانُ إلى الخلقِ مَعَنَاهُ بذلُ الخيرِ وكفُّ الشرِّ |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن الإحسان مشتق من «الحُسن» الذي هو الجمال والبهاء لكل ما يصدر من العبد من خطرات ونبرات وتصرفات، وهو أعلى مقامات الرفعة الإنسانية ، والمفتاح السحري لكل أزماتها وجسر سعادتها الأبدية، وكفى الإحسان شرفا أن البشرية جمعاء اتفقت على حبه ومدحه وأجمعت على كره ضده من كافة صنوف الإساءة، ولذلك أولى الإسلام الإحسان عناية بالغة وجعله أسمى هدف تصبو إليه نفوس العابدين، وهو طريق الوصول لمحبة الله تعالى ومعيته ورحمته، بل ورؤيته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، في جنة الخلد، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
7قال الشَّوكاني في تفسير قوله: وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ : أي: أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بما أنعم به عليك مِن نعم الدُّنْيا | قال: أفتبتغي الأجر مِن الله؟ قال: نعم، قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما |
---|---|
و الإنْعَام لا يكون إلَّا لغيره | وخلق الإحسان يتسع ليشمل القول والعمل والعبادات والمعاملات |
ثم انتقل الحديث بعد ذلك إلى قضية الإحسان في الذبح ، بآدابه الراقية التي تجسد معاني الرفق بالحيوان ، وقد ذكر العلماء هذه الآداب في كتب الفقه ، وأسهبوا في شرحها ، فمن ذلك : أن يذبح البهيمة بآلة حادة ، تعجّل من خروج روحها ، وإنهار دمها ، فلا تتعذب كثيرا ، يؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد و ابن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحد الشفار " ، وقد جعل العلماء ذلك شرطا في آلة الذبح ، كما جاء في الحديث : ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوه ، ليس السن والظفر رواه الشيخان.
17إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذَّبح، وليُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَه، فليُرح ذبيحته قال : قوله إن الله كتب الإحسان على كل شيء | قال: فهل مِن والديك أحدٌ حيٌّ؟ قال: نعم، بل كلاهما |
---|---|
فالله سبحانه وتعالى يرى الإنسان حال توكله التامُّ على الله وحال قيامه بما عليه من العبادات وبما ليس واجباً وإنما نافلةً وزيادةً على الفرض تحقيقاً لمرضاة الله | قال ابن تيمية: جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين ثلاث درجات: أعلاها الإحسان، وأوسطها الإيمان، ويليه الإسلام |
هو بذل جميع المنافع مِن أي نوعٍ كان، لأي مخلوق يكون، ولكنَّه يتفاوت بتفاوت المحْسَن إليهم، وحقِّهم ومقامهم، وبحسب الإحْسَان، وعظم موقعه، وعظيم نفعه، وبحسب إيمان المحْسِن وإخلاصه، والسَّبب الدَّاعي له إلى ذلك وقال : الإحسان على وجهين: أحدهما: الإنعام على الغير، والثاني: إحسان في فعله، وذلك إذا علم علمًا حسنًا أو عمل عملًا حسنًا.
24